2024 واقع ومقومات القطاع الصحي ﻓﻲ قطاع غزة خلال الحرب د. أمية الخماش
العدد: 034 31 كانون الثاﻧﻲ | يناير
2024 واقع ومقومات القطاع الصحي ﻓﻲ قطاع غزة خلال الحرب د. أمية الخماش
يشن الجيش ا لسرائيلي حربا مدمرة ع ل قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ما أسفر عن وفاة وإصابة الآلاف، وت رك العديد من الأشخاص عاجزين وبلا مأوى، بالضافة إلى آلاف النازحين الذين يواجهون ظروفا قاسية وغير إنسانية. لقد أحدثت هذه الحرب كارثة إنسانية غير مسبوقة، إذ سببت انهيارا تام ا للبنية التحتية، وأدت إلى تدمير المنشآت المدنية بصورة شاملة، الأمر الذ ي خ ل ف آثار ا كارثية تعيق القدرة عل العيش والبقاء. ودخلت المنظومة الصحية، بمكوناتها النشائية والبشرية، ضمن الاستهداف المباشر لهذه الحرب؛ فقد بدا واضحا منذ اللحظات الأولى أن الحرب عل المنظومة الصحية جزء أصيل من استراتيجي ا الحرب التي تشنها إسرائيل عل غزة، وأ ن المنشآت الطبية، من مشا ف ومرافق رعاية أولية وقوى بشرية، أضحت هدفا من أهدافها، دون الأخذ بأي اعتبار للقوانين الدولية والنساني ة، وفي مقدمها اتفاقية جنيف الرابعة التي تقر بشكل واضح احترام وحماية ا لأفراد العاملين في الحقل ين الطبي والصحي ، وتللك التي تقدم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والنساء في فترة النفاس، وتحث أطراف النزاع عل احترامها وحمايتها في جميع ا لأوقات، وحماية واحترام نقل الجرحى والمرضى والعجزة.
" أحدثت هذه الحرب كارثة إنسانية غير مسبوقة "
بعد يومين فقط من بداية الحرب، خرج مستشفى بيت حانون في شمال غزة عن الخدمة، تلاه أمر من الجيش السرائيلي بإخلاء المستشفيات من المرضى والعامل ين، وإفراغ المرافق الصحية المختلفة في مدينة غزة وشمالها، الأمر الذي رفضه العاملو ن في القطاع الصحي الذين أصروا عل الاستمرار في تقديم الخدمات الطبية والطارئة. وتم دفع السكان إلى التوجه إلى جنوب القطاع في محاولة لتهجيرهم، وتباع ا تم قصف المستشفى المعمداني وتهديد محيط بعض مباني المستشفيات الأ أخرى وتطويقه ا وقصفها، مثل مستشفى الشفاء، أكبر المشافي في القطاع، بالضافة إلى مستشفى العودة والأندونيسي وغيرهما، في محاولات تكتيكية مستمرة لتف ريغ المستشفيات والمرافق الطبية وإجبار الناس عل النزوح والمغادرة. وتحت وطأه الجراءات السرائيلية، والجراءات القمعية المتتابعة، واعتقال الطواقم، والقصف الممنهج، أ أجبرت الطواقم العاملة في هذه المنشآت عل النزوح، وجرى تقليص خدماتها بشكل كبير، ما شكل ضربة قاضية للمنظومة الطبية في مدينة غزة وشمالها، حيث تشكل هذه المستشفيات العمود الفقري للخدمات الطبية، وتخدم أكثر من ثلثي السكان لما تتمتع به من إمكانات فنية متخصصة لا يمكن توفيرها بسهولة في أماكن أ أخرى في قطاع غزة، بسبب توفر الطواقم البشرية المتخصصة والتجهيزات والتقنيات الطبية المتقدمة.